تمكنت ريم بخيت من دخول محل للأدوات المنزلية وسط مدينة غزة بشق الأنفس من أجل شراء أواني البورسلان التي شملها تخفيضات أعلنها المحل على صفحاته على منصات التواصل الاجتماعي لمدة يوم واحد فقط.
وما إن وقفت السيدة قبالة كميات كبيرة من الأواني الزجاجية المرصوصة فوق بعضها، أخذت تزاحم مثيلاتها من النساء اللاتي أتين للظفر بـ "الموديل" الذي أعجبهن قبل نفاده.
وتقول بخيت إنها تحرص دائمًا على اقتناء "أجمل الأواني" لمطبخها وتختص شهر رمضان بأشياء مميزة، إذ تحب أن تستقبل الشهر الفضيل "بشيء مميز، خاصة في المطبخ، فأتفنن بشراء المفارش التي تعكس أجواء جميلة إلى جانب ما ينقصني من أدوات ومقالي وقدور".
وتعتقد بخيت أن تحضير السفرة الرمضانية يجب أن يعكس الطابع الرمضاني والفلكور والعادات الإسلامية الى جانب الفانوس الرمضاني الذي يضيف نكهة وأجواء إيمانية محببة إلى الجالسين.
وزاد اهتمام الأسر الغزية بمظاهر الزينة وتجديد أواني المطابخ في إطار الاستعداد لاستقبال شهر رمضان الكريم حيث تتولى النساء مهمة "التجديد "فيقبلن على الأسواق لشراء الأواني خاصة في ظل إغراق التجار للسوق بكميات كبيرة ومتنوعة من البضائع.
وتعد تيرموسات القهوة والفناجين والمفارش والصحون والكوسترات بالإضافة إلى حافظات الطعام التي تعمل على إبقاء الطعام بدرجة حرارة ساخنة مما يعمل على توفير الوقت لربة المنزل.
عادة موروثة
في حين يعد التزيين والتجهيزات لأي مناسبة دينية مثل رمضان والعيد عادة مورثة لدى عائلة ميرفت المدهون، "فأعمل على إحيائها باستمرار لترسيخ تلك العادات في عقل أبنائي".
وتقول المدهون لـ "فلسطين": "احرص على مشاركة أبنائي بتزيين البيت، وتحضير سفرة الإفطار، مما يخلق جوًا من السعادة والبهجة في قلوب الصغار والكبار".
وتشير إلى أنها تخصص ميزانية محددة لأواني رمضان تتراوح ما بين 200 إلى 500 شيقل، فيما ترى المواطنة آلاء اليازجي أن الشراء لمجرد الرغبة في التجديد "ما هي إلا تكاليف زائدة على عاتق المواطن، ويتنافى مع كون رمضان شهر للعبادة والتقرب إلى الله، وليس شهر للبهرجة".
وتقول اليازجي: "بدلًا من تبذير الأموال في شراء أوانٍ لست بحاجة إليها، لماذا لا نتبرع بتلك الأموال للفقراء والمحتاجين لكسب الأجر".
تقليد أعمى
لكن بشكل عام وبعد استمزاج لآراء عدد من تجار الأدوات المنزلية، أكدوا أن شهر رمضان كونه يمتاز بالتجمعات العائلية والتواصل والتزاور بين الجيران والأقارب، فإن الكثير من السيدات يقبلن على شراء وتغيير الأواني المنزلية خلاله وخلال الأعياد فتزاد الحركة الشرائية للأواني المطبخية والضيافة بأنواع المختلفة.
مالك أحد المحلات التجارية المختصة، محمد تايه، يبين أن استعداد النساء لشهر رمضان لهذا العام بدأ مبكرا بخلاف السنوات الماضية معللًا ذلك بالتنزيلات والعروض وطرق التسويق الجديدة التي يتبعها أصحاب تلك المحال.
وبين أن لوسائل التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في التأثير على النساء اللاتي أصبحن يقلدن كل شيء يشاهدنه، ما يدفعهن لاقتناء الأدوات المنزلية التي يتم الترويج لها عبرها.
الشراء العاطفي
وتتفق الأخصائية النفسية والاجتماعية إكرام السعايدة مع ذلك، إذ تفسر اندفاع السيدات لشراء الأدوات المنزلية بأنه تلبيه صراعًا عاطفيًا في دواخلهن وليس تعبيرًا عن احتياج حقيقي لاقتناء الأدوات المنزلية.
وتقول السعايدة لـ"فلسطين": "وجود شبكات التواصل في حياتنا وكثرة الإعلانات واستغلال التجار لهذا النقطة عمل على خلق هوس لدى النساء".
وتشير إلى أن المعلنين والتجار يستغلون طبيعة المرأة التي لديها حب ورغبة دائمًا في الشراء والتجديد، فمن الناحية النفسية يعد الشراء بالنسبة للنساء نوعًا من إدخال الراحة والفرح على أنفسهن ويساعدهن على التخلص من الطاقة السلبية.
وتحث السعايدة النساء، التركيز على المقاصد الأساسية للشهر الكريم وهي العبادة وتحصيل التقوى سواء في الشراء أو إعداد الطعام أو طريقة تقديمه والصبر على إعداده، وليس شراء أوانٍ قد لا يستفدن منها لاحقا، يمكن للمرأة أن توظف هوس شراء الأواني في شراء هدايا جميلة لأرحامها، على القاعدة النبوية: تهادوا تحابوا".
ومضى إلى القول: "يجب على ربة الأسرة أن لا تزيد الأعباء على رب الأسرة بشراء كماليات لا طائل منها خاصة في ظروف الوضع الاقتصادي الذي يمر به قطاع حتى لا تعمل على خلق الخلافات بينهم".